قال عمر بن الخطّاب، رضي الله عنه: "الشعر جَزل من كلام العرب يُسكَّن به الغَيظ وتُطفأ به الثائرة ويتبلَّغ به القومُ في ناديهم وُيعطى به السائل علموا اولادكم الرماية و السباحة و ركوب الخيل و رووهم من الشعر أعذبه ". وقال ابنِ عبّاس، رضي الله عنه: "الشعر عِلْم العرب وديوانها فتعلَّموه وعليكم بشعر الحِجاز"، وربما كان تخصيصه لشعر الحجاز نظرا لفصاحتهم. وقال معاويةُ ابن ابي سفيان، رضي الله عنه، لعبد الرحمن بن الحكم: "يا ابن أخي إنك شُهرت بالشعر فإياك والتشبيبَ بالنّساء فإنك تغرّ الشريفة في قومها والعفيفة في نفسها والهجاء فإنك لا تَعْدو أن تُعادي كريماً أَو تَستثير به لئيماً. ولكن افخر بمآثر قَومك وقُل من الأمثال ما تُوَقّر به نفسك وتؤدِّب به غيرك".
وعلى مر الأزمنة الماضية، كان للعرب نظرة في الشعر، تصنيفه والمفاضلة بينه. وكل له معياره ودواعيه في المفاضلة. وفي باب الفخر، قيل أن أفخر بيت شعر قاتله العرب ما يلي:
قال بعضهم أن أفخر بيت قالته العرب قول جرير:
إذا
غضبت عليك بنو تميم=حسبت الناس كلهم غضابا
وقال بعضهم بل قول جرير:
أحلامنا
تزن الجبال رزانة =ويفوق جاهلنا فعال الجهّل
وقيل أن البيت للفرزدق، وأن صحته:
أحلامنا
تزن الجبال رزانة =وتخالنا جنا إذا ما نجهل
وقال آخرون أن أفخر بيت قالته العرب قول عمرو بن كلثوم:
بأنا
نورد الرايات بيضا =ونصدرهن حمرا قد روينا
ونشرب إن وردنا الماء صفوا=ويشرب غيرنا كدرا وطينا
ونشرب إن وردنا الماء صفوا=ويشرب غيرنا كدرا وطينا
وقال بعضهم أن الأفخر قول أبي الطيب المتنبي:
أنا
الذي نظر الأعمى إلى أدبي=وأسمعت كلماتي من به صمم
أنام ملء جفوني عن شواردها =ويسهر الخلق جراها ويختصم
وجاهل مده في جهله ضحكي = حتى أتته يد فراسة وفم
إذا نظرت نيوب الليث بارزة = فلا تظنّنّ أن الليث يبتسم
سيذكر الجمع ممن ضم مجلسنا = بأنني خير من تسعى به قدم
فالخيل والليل والبيداء تعرفني =والسيف والرمح والقرطاس والقلم
كم تطلبون لنا عيبا فيعجزكم = ويكره الله ماتأتون والكرم
ما أبعد العيب والنقصان عن شرفي = أنا الثريا وذان الشيب والهرم
أنام ملء جفوني عن شواردها =ويسهر الخلق جراها ويختصم
وجاهل مده في جهله ضحكي = حتى أتته يد فراسة وفم
إذا نظرت نيوب الليث بارزة = فلا تظنّنّ أن الليث يبتسم
سيذكر الجمع ممن ضم مجلسنا = بأنني خير من تسعى به قدم
فالخيل والليل والبيداء تعرفني =والسيف والرمح والقرطاس والقلم
كم تطلبون لنا عيبا فيعجزكم = ويكره الله ماتأتون والكرم
ما أبعد العيب والنقصان عن شرفي = أنا الثريا وذان الشيب والهرم
وقيل أن أفخر بيت قول الأخوص:
ما
من مصيبة أو نكبة أرمى بها=إلا تشرفني وترفع شأني
وإذا سألت عن الكرام وجدتني=كالشمس لا تخفى بكل مكانِ
وقيل أن أفخر بيت قالته العرب، قول عمرو بن كلثوم:وإذا سألت عن الكرام وجدتني=كالشمس لا تخفى بكل مكانِ
اذا
بلغ الفطام لنا رضيعُ =تخر له الجبابر ساجدينا
وقال بعضهم أن أفخر بيت قول الفرزدق:
ترى
الناس ما سرنا يسيرون خلفنا=وإن نحن أومأنا إلى الناس وقفوا
وقيل بل الأفخر قول جرير:
ألستم
خير من ركب المطايا= وأندى العالمين بطون راح
وقيل أن افخر بيت كان للأمير ابي فراس الحمداني حين قال :
نحنُ
قومٌ لا توسُّـط بيننا=لنا الصدرُ دُون العالمينَ أو القبرُ
وقيل أن من أفخر ما قالته العرب قول العلامة الحسن بن أحمد الضمدي:
أسود
قتال من مغيـد وعلكـمُ=يسايرهم نحو العدا الذئب والنسر
يهابهم حتى الجمـاد ولـو هـمُ=مع الليل أعوان لما طلع الفجـر
وتناسوا قول الشاعر في مدح المصطفى صلى الله عليه وسلم :
خلقت مبرأ من كل عيب *** كأنك قد خلقت كما تشاء
وتراءى لهم أنه لامجال لمجاملة المتنبي - مثلا - والقول بأنه مدح سيف الدولة بشيء يستحق الذكر ، فهل يقارِن مثلُ هذا المنهج القائم على الحكم المطلق العملاقَ جريرا بهذا القزم عندما هذى في إحدى حمّياته :
فإن تفق الأنام وأنت منهم *** فإن المسك بعض دم الغزال
أو قوله :
وقفت ومافي الموت شك لواقف *** كأنك في جفن الردى وهو نائم
ولم يكن لديهم أغزل من جرير عندما قال :
إن العيون التي في طرفها حور *** قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
ضاربين الصفح عن قول عنترة العبسي :
وعشقت تقبيل السيوف لأنها *** لمعت كبارق ثغرك المتبسم
وقول ابن زيدون :
أضحى التنائي بديلا عن تدانينا *** وناب عن طيب لقيانا تجافينا
وكأن لم يؤرخ الأدب لعمرو بن كلثوم قوله :
بأنا نورد الرايات بيضا *** ونصدرهن حمرا قد روينا
ونشرب إن وردنا الماء صفوا *** ويشرب غيرنا كدرا وطينا
واستكمالا لحلقات المسلسلة لقّنت الأجيال بأن جريرا قال أهجى بيت قالته العرب :
فغض الطرف إنك من نمير *** فلا كعبا بلغت ولا كلابا
وماذا يكون هذا البيت عند كاريكاتير ابن الرومي :
يقتّر عيسى على نفسه *** فليس بباقٍ ولا خالد
ولو يستطيع لتقتيره *** تنفس من منخر واحد
أو كاريكاتير المتنبي في هجاء كافور :
أُريك الرضا لو أخفت النفس خافيا *** وما أنا عن نفسي ولا عنك راضيا
أميْناً وإخلافاً وغدراً وخسةً *** وجبناً أشخصاً لٌحت لي أم مخازيا
تظن ابتساماتي رجاءً وغبطةً *** وما أنا إلا ضاحك من رجائيا
وتعجبني رجلاك في النعل أنني *** رأيتك ذانعلٍ إذا كنت حافيا
وأنك لاتدري ألونك أسود *** من الجهل أم قد صار أبيض صافيا
ويذكرني تخييط كعبك شقه *** ومشيك في ثوبٍ من الزيت عاريا
ولولا فضول الناس جئتك مادحا *** بما كنت في سرّي به لك هاجيا
فإن كنت لاخيراً أفدت فإنني *** أفدت بلحظي مشفريك الملاهيا
ومثلك يؤتى من بلاد بعيدة *** ليُضحك ربات الحداد البواكيا
وكي يتربع جرير على القمة فقد درسنا يوما أنه قال أرثى بيت قالته العرب :
لولا الحياء لهاجني استعبار *** ولزرت قبرك والحبيب يزار
ولم يتساءلوا :
- وما المانع من الاستعبار فالرسول صلى الله عليه وسلم بكى ودمعت عيناه ، وما المانع من زيارة القبر وجرير رجل ، مم الخجل ؟!
ولم يروا أن نكرة من العرب قال يرثي امرأة في قصيدة يكفي تفوق أحد أبياتها على بيت جرير للتدليل على عقم المعياروالانطباع :
رماني الدهر بالأرزاء حتى *** فؤادي في غشاءٍ من نبال
فصرت إذا أصابتني سهام *** تكسرت النصال على النصال
وهان فما أبالي بالرزايا *** لأني ماانتفعت بأن أبالي
وهذا أول الناعين طُرّاً *** لأول ميتةٍ في ذا الجلال
كأن الموت لم يفجع بنفسٍ *** ولم يخطر لمخلوقٍ ببال
صلاة الله خالقنا حنوط *** على الوجه المكفّن بالجمال
على المدفون قبل الترب صونا *** وقبل اللحد في كرم الخلال
أطاب النفس أنك مت موتا *** تمنته البواقي والخوالي
أسائل عنك بعدك كل مجدٍ *** وما عهدي بمجدٍ عنك خالي
يمر بقبرك العافي فيبكي *** ويشغله البكاء عن السؤال
وما أهداك للجدوى عليه *** لو أنك تقدرين على فعال
بعيشك هل سلوتِ ؟ فإن قلبي *** وإن جانبت أرضك غير سالي
ولو كان النساء كمن فقدنا *** لفضّلت النساء على الرجال
مشى الأمراء حوليها حفاة *** كأن المرو(1) من زفّ الرئال (2)
وأفجع من فقدنا من وجدنا *** قبيل الفقد مفقود المثال
يدفن بعضنا بعضا وتمشي *** أواخرنا على هام الأوالي
( 1 ) المرو : حجارة بيضاء براقة وغليظة .
(2) زف الرئال : ريش صغار النعام .
يهابهم حتى الجمـاد ولـو هـمُ=مع الليل أعوان لما طلع الفجـر
وتناسوا قول الشاعر في مدح المصطفى صلى الله عليه وسلم :
خلقت مبرأ من كل عيب *** كأنك قد خلقت كما تشاء
وتراءى لهم أنه لامجال لمجاملة المتنبي - مثلا - والقول بأنه مدح سيف الدولة بشيء يستحق الذكر ، فهل يقارِن مثلُ هذا المنهج القائم على الحكم المطلق العملاقَ جريرا بهذا القزم عندما هذى في إحدى حمّياته :
فإن تفق الأنام وأنت منهم *** فإن المسك بعض دم الغزال
أو قوله :
وقفت ومافي الموت شك لواقف *** كأنك في جفن الردى وهو نائم
ولم يكن لديهم أغزل من جرير عندما قال :
إن العيون التي في طرفها حور *** قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
ضاربين الصفح عن قول عنترة العبسي :
وعشقت تقبيل السيوف لأنها *** لمعت كبارق ثغرك المتبسم
وقول ابن زيدون :
أضحى التنائي بديلا عن تدانينا *** وناب عن طيب لقيانا تجافينا
وكأن لم يؤرخ الأدب لعمرو بن كلثوم قوله :
بأنا نورد الرايات بيضا *** ونصدرهن حمرا قد روينا
ونشرب إن وردنا الماء صفوا *** ويشرب غيرنا كدرا وطينا
واستكمالا لحلقات المسلسلة لقّنت الأجيال بأن جريرا قال أهجى بيت قالته العرب :
فغض الطرف إنك من نمير *** فلا كعبا بلغت ولا كلابا
وماذا يكون هذا البيت عند كاريكاتير ابن الرومي :
يقتّر عيسى على نفسه *** فليس بباقٍ ولا خالد
ولو يستطيع لتقتيره *** تنفس من منخر واحد
أو كاريكاتير المتنبي في هجاء كافور :
أُريك الرضا لو أخفت النفس خافيا *** وما أنا عن نفسي ولا عنك راضيا
أميْناً وإخلافاً وغدراً وخسةً *** وجبناً أشخصاً لٌحت لي أم مخازيا
تظن ابتساماتي رجاءً وغبطةً *** وما أنا إلا ضاحك من رجائيا
وتعجبني رجلاك في النعل أنني *** رأيتك ذانعلٍ إذا كنت حافيا
وأنك لاتدري ألونك أسود *** من الجهل أم قد صار أبيض صافيا
ويذكرني تخييط كعبك شقه *** ومشيك في ثوبٍ من الزيت عاريا
ولولا فضول الناس جئتك مادحا *** بما كنت في سرّي به لك هاجيا
فإن كنت لاخيراً أفدت فإنني *** أفدت بلحظي مشفريك الملاهيا
ومثلك يؤتى من بلاد بعيدة *** ليُضحك ربات الحداد البواكيا
وكي يتربع جرير على القمة فقد درسنا يوما أنه قال أرثى بيت قالته العرب :
لولا الحياء لهاجني استعبار *** ولزرت قبرك والحبيب يزار
ولم يتساءلوا :
- وما المانع من الاستعبار فالرسول صلى الله عليه وسلم بكى ودمعت عيناه ، وما المانع من زيارة القبر وجرير رجل ، مم الخجل ؟!
ولم يروا أن نكرة من العرب قال يرثي امرأة في قصيدة يكفي تفوق أحد أبياتها على بيت جرير للتدليل على عقم المعياروالانطباع :
رماني الدهر بالأرزاء حتى *** فؤادي في غشاءٍ من نبال
فصرت إذا أصابتني سهام *** تكسرت النصال على النصال
وهان فما أبالي بالرزايا *** لأني ماانتفعت بأن أبالي
وهذا أول الناعين طُرّاً *** لأول ميتةٍ في ذا الجلال
كأن الموت لم يفجع بنفسٍ *** ولم يخطر لمخلوقٍ ببال
صلاة الله خالقنا حنوط *** على الوجه المكفّن بالجمال
على المدفون قبل الترب صونا *** وقبل اللحد في كرم الخلال
أطاب النفس أنك مت موتا *** تمنته البواقي والخوالي
أسائل عنك بعدك كل مجدٍ *** وما عهدي بمجدٍ عنك خالي
يمر بقبرك العافي فيبكي *** ويشغله البكاء عن السؤال
وما أهداك للجدوى عليه *** لو أنك تقدرين على فعال
بعيشك هل سلوتِ ؟ فإن قلبي *** وإن جانبت أرضك غير سالي
ولو كان النساء كمن فقدنا *** لفضّلت النساء على الرجال
مشى الأمراء حوليها حفاة *** كأن المرو(1) من زفّ الرئال (2)
وأفجع من فقدنا من وجدنا *** قبيل الفقد مفقود المثال
يدفن بعضنا بعضا وتمشي *** أواخرنا على هام الأوالي
( 1 ) المرو : حجارة بيضاء براقة وغليظة .
(2) زف الرئال : ريش صغار النعام .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق